1- (فيا صاحبي أين وجهُ الصباح وأين غدٌ؟! صفْ لعيني غدا)
2- (أسدّوُا مسارحَ ليلِ العراق أم صبغوا فجرَه أسودا؟)
3- (وخلْف الضلوعِ زفيرٌ أبَى -وقد برد الليل- أن يبْردا)
*******
4- أنادي: فأين الرشيدُ الأبيُّ وقد حَرمَ السيفَ أن يُغمدا؟
5- وأين الجلالُ.. وأين الجهادُ؟ وأين المنابرُ والمنتـَدى؟
6- وأين الحشودُ، وأين البنودُ وأين الزحوفُ تُذل العِـدا؟
7- وأين النفيرُ، وأين الزئيرُ وأين الهتافُ، وأين الصدى؟
8- وأين الحتوفُ، وأين السيوفُ تلاحِق "نقفور" أنىَّ عَدا؟
9- لقد ذاب "نقفور" من ذعرٍٍِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِه وذاب من الذعر مَنْ جنّـدا
10- وأينَ رجالٌ وفوا بالعهود يرُوعون بالحقَّ قلبَ الردى؟
11- كما البحر- واللهِ- في هدْرِه مضى عاتيًا ثائرًا …مُزبدا
12- فلا أمرَ إلا لزحِف الحديد وبْرقِ الأسنَّة إنْ أرْعـدا
13- ولا نصرَ إلا لدينِ الهدى ولا موتَ إلا لمن هـدَّدا
14- فإما قتيلٌُ، وإما أسيرٌ.. وإما جريحٌ هوَى مُقْعَـدا
15- وإما شريدٌ بلا وجهةٍ ليقضيَ أيامَه مُسْهـدا
16- وأين الأئمةُ، منْ فقههم غَدتْ كلُّ أرضٍ بـهْم مسجِدا؟
17- مناراتُ حقٍّ تضيئ القلوبَ وتغمرها بالشَّذا…والهُـدى
18- وهيهاتَ أُحصي، فما قد مضى يفوق الخياَل، إذا عُـدَّدا
19- كذلك كنتِ منارَ الوجود… وكنتِ المهابةَ والسـؤْدُدا
20- أبغدادُ عفْوًا إذا ما فررتُ ... أعانق في الغابرِ المشْهـدا
21- وأحيا بأمجادِكِ الماضياتِ فحاضرُك اليوم مُلْقىً سـُدى
22- وأمرك آلَ لنذلٍ غوىٍّ وكلبٍ على قومك استأسْـدا
23- وعلْج زنيٍم، ولصًّ لئيمٍ غدا بالخيانةِ مٌستعـبَدا
24- هما اثنان: مُستأجَر آثمٌ تقاضى، وخان، ولن يَرشُدا
25- وجيرانُ سـوءٍ عصوْا ربَّهم ومن أرضهم كان وثْبُ العِدَا
26- كبارٌ، ولكن صغار العقولِ وعارُهُمو يُخجل الفرْقدا
27- طوالٌ، عراضٌ، ولكنهم لنجدتنا لم يمدّوا يـدا
28- لهم صخَبٌ، لا تقلْ لي: الطبول وفيضُ ضجيج يغطي المدى
29- رصيدهمو- غير نهب الشعوب- من الشجْب ما لَمْ، ولن ينفذا
30- وكم قمةٍ عقدوا، وانتهَوْا وكلٌّ إلى الخُلْفِ قد أخْلدا
31- أراهمْ إذا نظروا للأمور ضريرًا، وأعورَ، أو أرْمدا
32- وما شغلتْهم قضايا الشعوب وعِرضٌ عليْه العدوُّ اعتدى
33- ألمْ ترَهُمْ ظاهروا إثْمـَه؟ فمِْن قوسهم نحونا سَدَّدا
34- فهتَّك منَّا نياط القلوب ومزَّق- من سهمه- الأكبْدا
35- ولم أرَ فيهمْ عزيزَ جنابٍ بعلمٍ وفكرٍ غـدا سـيّدا
36- وما فيهمو راشـدٌ يَفتدِي وما منهمو عادلُُ يُفْتدَى
37- يعربدُ "بوش" بهم عابثـا وهانوا فكانوا له أعْـبُدا
38- كأني أرى فيهمو "العلْقميَّ" بما قد جناه وما بدَّدا
39- وكيف يكونون مَنْ ديننا وقد سلَّموا للعـِدا المِقوَدا؟
40- و"بوشُ" يسوقهُمو كالقطيع فخرّوا له ركَّعـًـا سجـَّدا؟
41- سنتركهم لحسابِ الشعوب وما هو إلا اللَّظى المُوقَدا
42- أبغدادُ، دار الرشيد المجيد… أناديك.. هـل تسمعين النَِّدا؟
43- سلمْتِ، ودُمِْت، فلا تفزعي فأنفُسنا لحماكِ الفـدَى
44- سلمْتِ فقومي- برغم الجراح- وكوني عليهم ردىً سرْمدا
45- وسُلِّي من الليل وجْه الصباح... ومِنْ حالكِ الكـْرب هاتي الغَدا
46- وعيشي ضُحاكِ نَديَِِِِِِِِِِِِِّ الشَّذا وخلَّي نهارَ العـِدا أسـودا
47- فمازال فيك رجالُُُُُ ُ يرَوْن أمـرَّ من الـموتِ أنْ نرقُـدا
48- وما فيهمو غير حرًّ… أبَّي أَبَى أنْ ينـامَ، وأن يقْعُـدا
49- وكيفَ وفي عنْقِه بيعةٌ تناقضُ "بعثهُمو" الأنْكـدا
50- على الحق قامت، وبالذكِر دامتْ وسنةِ سيدِنا… أحـمدا
51- فلا تَقْنطي... فبشيرُ الصباحِ يشقُّ إليك الدجى مُنْشدا
52- وقومي وعيشي شموخَ الأباة مثالاً لكلَِّ الـورى يُقـَتدى
53- وللحقَّ والعلِم والمكرماتِ -كما كنتِ- كوني لها مَوْردا
54- أبغدادُ، في يومِك المستباح أرى النصَر في غدكِ الموْعدا
-------